هل تخيلت يومًا أن تقود سيارة كهربائية لمسافة تتجاوز 1200 كيلومتر دون الحاجة للتوقف والشحن؟ هذا هو الرقم الذي أعلنت عنه شركة لوسيد، محطمةً به جميع الأرقام القياسية ومتربعة على عرش السيارات الكهربائية.
إنه إنجاز يثير الدهشة، ويضع تقنية لوسيد في مستوى آخر تمامًا.
ولكن… هل القصة بهذه البساطة؟ أم أن هناك سرًا لم تكشفه الشركة؟
في هذا التحليل، سنغوص خلف الأرقام المعلنة لنكشف الحقيقة الكاملة وراء هذا الإنجاز التاريخي، ونفصل بين الإنجاز الهندسي المذهل والحيلة التسويقية الذكية.

الرقم الذي حطم كل التوقعات
رسميًا، دخلت سيارة لوسيد أير جراند تورينج موسوعة غينيس للأرقام القياسية.
- الرحلة: من مدينة سانت موريتز في سويسرا إلى ميونخ في ألمانيا.
- المسافة: 1205 كيلومترًا (749 ميلًا).
- الشحن: تم قطع المسافة بالكامل على شحنة واحدة فقط.
بهذا الرقم، لم تكتفِ لوسيد بتحطيم الرقم السابق (1045 كم)، بل تفوقت عليه بفارق هائل يزيد عن 160 كيلومترًا.
هذا الإنجاز يؤكد سمعة السيارة كبطلة حقيقية في اختبارات المدى الواقعية، حيث سبق لها أن قطعت 660 كيلومترًا على سرعة 120 كم/ساعة، وهو رقم يتفوق بالفعل على جميع منافسيها.
لكن كيف قفز هذا الرقم من 660 كم إلى 1205 كم؟ هنا تبدأ القصة الحقيقية.

كشف الأسرار: كيف تم تحقيق هذا الرقم “المثالي”؟
على الرغم من أن الرقم حقيقي، إلا أنه تحقق في ظروف خاصة جدًا ومُعدة بعناية فائقة. هناك عاملان رئيسيان يفسران كل شيء.
السر الأول: رحلة هبوط من قمة جبل
العامل الأهم هو فرق الارتفاع.
- نقطة البداية (سانت موريتز): تقع على ارتفاع 1800 متر فوق سطح البحر.
- نقطة النهاية (ميونخ): تقع على ارتفاع 520 مترًا فقط.
هذا يعني أن الرحلة كانت في معظمها رحلة انحدار صافية بفارق ارتفاع يتجاوز 1280 مترًا.
كيف يساعد هذا؟
في السيارات الكهربائية، يقوم نظام الكبح المتجدد بإعادة شحن البطارية عند النزول من المنحدرات. في رحلة انحدارية بهذا الحجم، تقوم الجاذبية بمعظم العمل، مما يقلل استهلاك الطاقة بشكل جذري، بل ويضيف شحنًا إضافيًا للبطارية على طول الطريق.
السر الثاني: قيادة بسرعة السلحفاة
المسافة المباشرة بين سانت موريتز وميونخ تبلغ حوالي 350 كيلومترًا فقط. فلماذا امتدت رحلة لوسيد لمسافة 1205 كم؟
الجواب بسيط:
لقد اتبع السائق مسارًا طويلًا ومخططًا بعناية لضمان نزول تدريجي وبطيء، وتجنب أي تسارع مفاجئ. هذا الأسلوب يُعرف بـ “hypermiling”، وهو يهدف لتحقيق أقصى كفاءة عبر القيادة بسرعات منخفضة وثابتة.
إنه أسلوب لا يعكس ظروف القيادة اليومية على الإطلاق.

إذًا، هل ستقطع سيارتك اللوسيد نفس المسافة؟
الإجابة المختصرة: لا، على الإطلاق.
هذا الرقم القياسي هو استعراض لأقصى إمكانات تكنولوجيا لوسيد في ظروف مثالية ومصطنعة. في قيادتك الواقعية، حيث تستخدم مكيف الهواء وتتسارع بشكل طبيعي، سيكون المدى الفعلي أقرب بكثير إلى الأرقام الرسمية:
- المدى الواقعي على الطرق السريعة: حوالي 660 كم.
- المدى حسب تقديرات وكالة حماية البيئة (EPA): حوالي 830 كم.
وهي أرقام بحد ذاتها لا تزال ممتازة وتجعل لوسيد في صدارة السوق.
الحكم النهائي: إنجاز هندسي أم حيلة تسويقية؟
في النهاية، الحقيقة هي أن إنجاز لوسيد هو مزيج ذكي من الاثنين.
إنه بلا شك إنجاز هندسي مذهل يثبت تفوق تقنية لوسيد في إدارة الطاقة وكفاءة البطاريات. وفي الوقت نفسه، هو حملة تسويقية عبقرية تهدف إلى ترسيخ صورة لوسيد كشركة لا تُقهر في مجال المدى الكهربائي.
على الرغم من أنك لن تتمكن من تكرار هذا الرقم في رحلتك القادمة، إلا أنه يمنحك الثقة بأنك تمتلك سيارة تحمل واحدة من أكثر التقنيات الكهربائية تطورًا وعبقرية في العالم.